مقابلة مع صحيفة عكاظ

مقابلة مع صحيفة عكاظ

 

البدايات السياسية وفترة الكفاح ضد الاستعمار البريطاني

في نهاية الخمسينات وبداية الستينات التحقت بحركة القوميين العرب في اليمن كغيري من الشباب الذين التحقوا بها في اليمن وفي بعض الاقطار العربية وكانت الحركة هي الاقرب الى الفكر الناصري والاقرب الى عبد الناصر الذي كان في خلاف مع البعثيين والشيوعيين العرب وكان قادتها يتخذون من بيروت مقراً مركزياً لهم آنذاك قبل ان تمزقهم الخلافات والصراعات على زعامة الحركة وعلى زعامة الساحة الفلسطينية.

وقد اثرت هذه الصراعات والخلافات الفكرية والانتهازية على فروع الحركة التي تمردت على قيادتها في بيروت وبعضها تمزقت وانتهت أما بالنسبة لفرع اليمن فقد تحالف مع بعض القوى الوطنية في جنوب اليمن وشكل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل التي قادت الثورة المسلحة من جبال ردفان الشماء في 14 اكتوبر 63م، بقيادة الزعيم المرحوم قحطان الشعبي الذي اصبح فيما بعد رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

وبعد قيام الثورة انتقلت من الجنوب الى الشمال وتدربت على حرب العصابات في بعض المعسكرات في تعز والقاهرة وبعد تخرجي من مدرسة الصاعقة بأنشاص التي تبعد حوالي سبعين ميلاً عن القاهرة، عدت الى اليمن وتحملت مسؤولية قيادة الكفاح المسلح في المنطقة الوسطى التي كانت تسمى دثينة والعواذل والفضلي، وبعد ذلك تحملت مسؤولية جبهة بيحان، حتى تحقق النصر والاستقلال لجنوب اليمن في 30نوفمبر 1967.

 

  • قصة الدخول الى الحكم

بعد استقلال الجنوب وتشكيل اول حكومة برئاسة قحطان محمد الشعبي  عينت محافظاً للجزر اليمنية في البحر الاحمر والمحيط الهندي وبحر العرب وبعد ذلك صدر قراراً جمهورياً بتعييني محافظاً لمحافظة (لحج ) وتدرجت في السلطة من محافظ كما اشرت الى وزير للحكم المحلي، فوزير للدفاع ورئيساً للوزراء ورئيساً للجمهورية وأميناً عاماً للحزب الاشتراكي اليمني عام 1980م  وحتى عام 1986م.

وكانت هذه المرحلة التي امتدت من 67 وحتى 86م من اهم وأخطر المراحل في حياتي.

وعلمتني التجربة ان السلطة والمال والنساء مصدر كل الصراعات والخلافات في هذه الدنيا الفانية فالابن يفقد اباه والاخ يخسر اخاه والصديق يخسر أفضل أصدقائه وأقربائه وأحبائه، فالموت داخل كل قصر من قصور السلطة وتحت كل كرسي من كراسيها.

 

 

  • تجربة العلاقة مع السوفيت

علاقاتنا مع السوفيت هي امتداد للعلاقات العربية السوفيتية، بدء من مصر وسوريا والجزائر والعراق واليمن والصومال وغيرهم. وكما تعلمون فقد انقسم العالم في الحرب الباردة بين القوتين العظميين، والبعض وقف مع السوفيت والبلدان الاشتراكية، والبعض الاخر وقف مع الامريكان والدول الغربية. وفي ضوء ذلك توزعت هذه الدول الادوار في منطقتنا وفقاً لمصالحها السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية، لما تتمتع به المنطقة من موقع استراتيجي وممرات ذات اهمية فائقة في مضيق جبل طارق وقناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز وبحر العرب والمحيط الهندي، فضلا عن ما تختزن في باطنها من الطاقة التي تمد العالم بأهم مادة للصناعة والحياة في عالمنا اليوم.

وقد وقفت اليمن الديمقراطية مع السوفييت كما وقف السوفيت معها وفقاً لمصالح البلدين الصديقين، فاليمن تتمتع بموقع استراتيجي هام في المنطقة، وتمتلك مخزون هائل من النفط، الذي لايزال في باطن الارض، وكما سماه الرئيس بريجنيف في لقائي معه عام 73م حيث قال: "ان رمال اليمن تسبح في حقول من النفط". وما يثير الاستغراب والاسئلة في آن واحد، ان البريطانيين برغم أن فترة احتلالهم لعدن ومحمياتها، استمرت اكثر من 129 عام لم يقوموا باستخراج النفط في بلادنا. وأنا اعتبر ان المماطلة والتأخير والتسويف والتخطيط لمستقبل المنطقة والنفط كان قرار خاطئ للحكام البريطانيين الذين يحكمون الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. لانه وبالنتيجة فلا الشعب استفاد ولا الحكام بقيوا في حكم البلاد ولا بالبريطانيون استفادوا من خبرتهم في حكم المنطقة ولهذا اصبح النفط من نصيب حلفائهم الامريكان وشركات النفط الكبرى في العالم ومن حولهم.

ولعل من المفارقات أن الموقف ذاته قد تكرر من جانب السوفيت وان اختلفت الاسباب والاهداف فقد ماطلوا في استخراج النفط  على مدى 25 عاما ًلان حساباتهم الخاصة راهنت على حلفائهم ورجالاتهم الخاصين، كما كانوا ينظّرون لهم خبرائهم ومستشاريهم، وبأننا سنتمرد عليهم فيما اذا استخرج النفط.

واتذكر ان احد المستشارين السوفييت قد افضى لي بسر خطير في احد لقاءاتي معه، وقال: أن استخراج البترول غير ممكن الان وان القرار قد اتخذ بهذا الشأن، والموقف ذاته تكرر مع اثيوبيا وبسبب التقديرات والتقييمات الخاطئة للحلفاء في اثيوبيا واليمن. وربما بعض العناصر الوطنية قد لعبت دوراً خطيراً في تأجيل استخراج النفط لاسباب تتعلق بالصراعات الداخلية.

وكنت متأكداً إذا ما اتخذ مثل هذا القرار الاستراتيجي في استخراجي في استخراجي النفط سوف يكون له اكبر الأثر في تحقيق التنمية والاستقرار.

باختصار اقول ان السوفييت قدموا لنا السلاح كما قدموه لبعض الدول من قبلنا كمصر وسوريا والعراق وليبيا والجزائر واليمن والسودان والصومال وساعدت في تعزيز القدرة الدفاعية، كما قدموا لنا بعض المشاريع في مجال الزراعة والكهرباء والاسماك وبعض المشاريع الاخرى، بقروض ميسرة وطويلة الامد ولم ندفع منها  شيء حتى مغادرتي السلطة. كما عبر عن ذلك الزعيم فيدل كاسترو عندما قال في احد  اللقاءات دق باب السوفييت اول وثاني وثالث حتى العشرة وسيفتحون لك بعد ذلك وخذ منهم قروض بأي شروط في الاخير لن تدفع لهم سيشطبون القروض أو سيؤجلون دفعها والغاء فوائدها وهذا ما حدث مع معظم الدول التي تعاملوا معهم ولا شك ان ذلك كان على حساب شعوبهم التي عانت الكثير وضحّت من اجل الاهداف والمبادئ الاممية التي كانوا يؤمنون بها نتيجة للتربية الايديولوجية الحزبية.

 

  • الحزب الاشتراكي اليمني حرب الرفاق سنة 1986م

ما حدث 86م هو امتداد للصراعات والحروب التي شهدتها اليمن شمالاً وجنوباً  منذ قيام الثورتين والجمهوريتين في اليمن وقد فقدت اليمن قبل هذه الاحداث عدد من الزعماء وفي مقدمتهم الرؤساء: سالم ربيع علي وابراهيم الحمدي واحمد حسين الغشمي ومئات بل آلاف من العسكريين والمدنيين بسبب هذه الصراعات على السلطة والنفوذ التي نخرت الوحدة الوطنية في اليمن واضعفت القدرة الاقتصادية للبلاد وعطلت حركة التطور والتنمية.

وكانت احداث 86 م  كارثة بحق الشعب والوطن نتحمل جميعاً مسؤوليتها كقيادات وقد مرت منذ اسبوع 15 سنة على احداث 13 يناير المشؤومة التي لا زلنا ندفع ثمنها حتى اليوم وان كان البعض لا يعترف بهذا الخطأ اذ أن الهدف ليس الادانة بل  استخلاص الدروس والعبر حتى لا تتكرر مثل هذه الكوارث ولكن مع الأسف إننا جميعاً لم نتعلم منها لهذا تكررت مأساة اخرى في 1994م التي تركت هي الاخرى جرحاً اعمق في جسم الوحدة الوطنية ويجب ان نشير الى ان المنطقة العربية ومناطق اخرى في العالم شهدت احداث لا تقل خطورة عن ما جرى في عدن واليمن عام 86 م و94 م، ولا تزال بعض الدول والشعوب العربية تعاني من الصراعات والحروب حتى اليوم واعتقد ان القارئ يعرف الساحات الملتهبة في المنطقة العربية بسبب الحدود والنفوذ

وأقول بكل اسف، ان بعض القادة العرب والكتاب والمؤرخين يتحدثون عن هذه الصراعات ويحملونها الامبريالية العالمية واسرائيل وسايكس بيكو وبعض الحكام  البريطانيين في الخليج.

وقد اتفق معهم كثيرا كثيرا ولكنني اسألهم وأسأل نفسي.. ماذا عملنا بعد ذلك؟ ألم نتمسك بالحدود التي زرعوها.. ألم نسفك الدماء من اجل كيلو متر هنا وهناك في البر والبحر ونصرف المليارات للتسلح وبناء ما تدمره الحروب طول القرن العشرين، وكنا في اليمن ونحن شعب واحد ووطن واحد نتقاتل ونتقاتل على كلمة الدوكي او  قلعة حريب وخضنا حروب بعضها باسم الوحدة وبعضها من اجل الحفاظ على السلطة وبعضها نيابة عن الاخرين وهذا حال الدول العربية من المحيط الى الخليج.

 

  • علاقتكم بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر

لم أقابل عبد الناصر الا مرة واحدة وقبل مماته بثلاثة اشهر حضرها الكاتب والصحفي الكبير محمد حسنين هيكل في قصر الضيافة بطرابلس الغرب عندما شاركنا في احتفالات جلاء القواعد الامريكية البريطانية وحضر هذه الاحتفالات عدد من الزعماء العرب بعضهم انتقلوا الى الرفيق الاعلى وبعضهم  غادر السلطة والبعض الأخر لا يزال على قيد الحياة وفي مقدمتهم الرئيس معمر القذافي. لقد مر على هذا اللقاء اكثر من 31 عام تخللتها احداث وحروب وصراعات، وانهارت فيها أنظمة وقامت انظمة اخرى على أنقاضها ولكن هذه الذكرى لا زالت عالقة في ذهني وكنت حينها وزيرا للدفاع وقد فاجأني بعد كلمات المجاملة بسؤال لماذا تهاجموني وتتهموني بأنني برجوازي وأنني اسير المخابرات المصرية وانكم اكثر ثورية وتقدمية مني ماذا فعلتم انتم بعد استقلال اليمن الجنوبي فقد كانت اهم انجازاتكم تأميم السينما الصيفية بالمكلا وابتسم وواصل حديثه وقال لقد بنيت السد العالي ومصانع الحديد والصلب بحلوان وأممت قناة السويس وواصل حديثه وقال لماذ تحرّضون وتحذّرون معمر القذافي ضد مصر وعبد الناصر وبأننا سنستولي على النفط الليبي، وقال صدقني ان ليبيا لم تقدم دولاراً واحداً فنحن متفقين معهم في الاهداف والمبادئ وقدمنا لهم المدرسين والاطباء والمهندسين والخبراء في مختلف المجالات ولم نطلب منهم اي مبلغ مقابل ذلك وقال لقد ساعدناكم في حربكم ضد الاستعمار البريطاني في عدن  وساعدنا اخوانكم في صنعاء وساعدنا الجزائر وبعض الشعوب الاخرى ولم نطلب من احد اي مقابل.

والتفت نحوي وقال قد لاتصدق اذا قلت ان الذي ساعدني بعد نكسة حزيران رجل قومي اسمة زايد بن سلطان حاكم أبوظبي وقدم  لي المال دون أن أطلب منه وهو لا يزال تحت الاحتلال البريطاني حينها. استمعت اليه باهتمام واحترام وهو يتحدث معي عن ما جرى مع القيادة الليبية من قبل احد المسؤولين اليمنيين في عدن وحاولت ان اوضح له بأن اليمن شعباً وحكومة وقيادة يكنون لك كل الحب والاحترام والتقدير ياسيادة الرئيس ويبدو ان هذا الاخ مزعوج من دور المخابرات المصرية في الصراع بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في جنوب اليمن قبل الاستقلال واكرر اننا نعتذر لك نيابة عن اي هفوة فأنت كبير وستبقى كبير يافخامة الرئيس.

فأنت وقفت الى جانبنا حتى تحرر الجنوب من الاستعمار وقيام الدولة في اليمن الجنوبي ونحن بحاجة لك ولدعمك المعنوي والسياسي ونتمنى أن تأتي اللحظة التي نرد ولو جزء من هذا الجميل في المستقبل ان شاء الله، ولم ادرك حينها انه كان يعاني من امراض كثيرة ومن جروح عميقة في قلبه سببته  النكسة والانفصال والصراعات التي خاضها في مصر وخارجها.

 

  • هاجس الوحدة اليمنية بمسارها المتعرج
  • الاقتراب والابتعاد، ولماذا لم تحقق في ايامكم

هاجس الوحدة اليمنية كما سميتموه في  سؤالكم يرجع في تاريخنا المعاصر الى منتصف القرن العشرين فقد ابدأت بعض القوى السياسية تطرح فكرة توحيد اليمن وانقسمت بعض القوى بين مؤيد للوحدة ومعارض لها ولكن الاحزاب القومية او الاحزاب التي تأثرت بها كانت اكثر تمسكاً بتحقيق الوحدة بطريقة سلمية وبعد قيام النظام الجمهوري في صنعاء وقيام الدولة في الجنوب بدأت الخلافات حول تحقيقها وبدأ الصراع يأخذ طابعاً ليس له علاقة بالوحدة والجماهير فكان الصراع على من يحكم اليمن فصنعاء تريد ضم الجنوب بالحرب أو بالسلم.

عام 72 م، بدأت تدق طبول الحرب في اليمن التي خاضها شطري اليمن في سبتمبر واكتوبر عام 72م، وتوجت باتفاق الوحدة بين الشمال والجنوب في 28/اكتوبر من نفس العام وسميت حينها اتفاقية القاهرة وعلى ان يتم تحقيقها في مدة اقصاه عام. ولم يكن الهدف من الوقت سواء الاستعداد لجولة اخرى من الصراع والحرب عام 79 م  حيث حاول الجنوب اسقاط النظام في صنعاء وقيام الوحدة اليمنية على اساس برنامج الحزب الاشتراكي اليمني وهذه المرة دقت طبول الحرب خارج اليمن وتحركت القوى الاقليمية والدولية لوقف تقدم جيش الجنوب نحو صنعاء وقيام الوحدة اليمنية على اساس برنامج الحزب الاشتراكي اليمني وفي وحذرت امريكا على لسان الرئيس الامريكي كارتر النظام في عدن من التقدم نحو صنعاء وقدم صفقة من السلاح للنظام في صنعاء قدرت بمئات الملايين من اجل الدفاع عنها.

بينما حذر الاتحاد السوفيتي القيادة في عدن وطالبنا بوقف العمليات العسكرية ضد صنعاء وفعلاً توقفت الحرب وبدأ الحوار من جديد في الكويت وصدر بيان الكويت الذي ينص على تحقيق الوحدة في مدة اقصاها 4 اشهر وفي الواقع كان القوي من الشطرين يحاول ان يفرض شروطه على الشطر الاخر وكانت مصلحة الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي ان يبقى اليمن مقسماً  ممزقاً طالما  هو يسير في  فلك الدولتين العظميين والقوى الحليفة لهما.

ولهذ ا لم تتحقق الوحدة الا بعد 18 عاماً من الحروب والصراع والحوار.

وبارك السوفييت آنذاك قيام الوحدة لأنهم يريدون ان يتخلصوا  من اعباء الدولة في عن خاصة وانهم كانو مقدمين على تحولات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي يجتر العالم اثارها  حتى الآن، بينما باركها الامريكان لأن عدن لم تصبح ذلك البعبع الذي يخيف المنطقة ومصالح الغرب فيها ولهذا  تحققت وحدة اليمن ووحدة الحقول والعقول عام 1990م.

وقد ساهمت قبل قيام الوحدة بدور متواضع ابتداء من اتفاقية القاهرة عام 72 ومروراً بدستور دولة الوحدة وقيام بعض المشاريع بين الشطرين وأهم من كل ذلك هو نزع فتيل التفجير والحروب وإحلال لغة الحوار محل لغة السلاح وتشكيل المجلس اليمني الاعلى الذي كان يجتمع دورياً بين رئيسي الدولتين في اليمن.

وشكلت هذه الانجازات بمجموعها قاعدة على طريق الوحدة التي وقعها  الرئيس علي عبد الله صالح ونائبه علي سالم البيض في 22 / مايو عام 90 م، ومن موقعي في دمشق باركت الوحدة اليمنية حيث طلب مني مغادرة اليمن كشرط اساسي لتحقيقها.

 

  • محطاتكم الرئيسية مع زعماء المملكة العربية السعودية

كانت اول المحطات في تاريخ علاقاتي مع الاشقاء في السعودية قد بدأت عام 74 م عندما التقيت لأول مرة في قمة لاهور الاسلامية بجلالة الملك فيصل وعلى هامش المؤتمر، وكانت الخلافات بين اليمن الجنوبي والسعودية في  ذروتها وحرصت على ان تكون كلمتي في المؤتمر متوازنة وحظيت بتصفيق حار من قبل الجميع وفي المقدمة الرئيس علي بوتو رئيس المؤتمر الذي سلم على بحرارة وكان حريصاً على نجاح المؤتمر وتنقية اجواء التوتر بين البلدان الاسلامية.

كان الملك فيصل عاتباً على عدن التي يتهمها بالانحياز للمعسكر الشيوعي ولهذا فلم نتمكن من اجراء أي حوار مع المملكة الا بعد ذلك التاريخ عندما  التقى جلالته بالرئيس سالم ربيع في مؤتمر القمة العربية في الجزائر وترك اللقاء بينهما انطباعاً جيداً .

تحركت العلاقات والاتصالات على اثر هذا اللقاء ولعبت مصر السادات دور مهم في تقريب وجهات النظر وكلف بهذه المهمة أشرف مرون مستشار الرئيس المصري انور السادات.

وتوجت هذه الاتصالات بتوقيع اتفاق المبادئ الستة وتطبيع  العلاقات بين اليمن والسعودية عان 76م وبعد ذلك تمت أول زيارة لمسؤول يمني للرياض قام بها الرئيس سالم ربيع علي الذي عاد بانطباعات جيدة عن الملك خالد وولي عهده آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز الذي لعب فيما بعد دوراً مهماً في تطوير العلاقات بين البلدين والشعبين  الشقيقين ولكن تعثرت هذه العلاقة وتعطلت وتوقفت بعد مقتل الرئيس ربيع عام 78م ثم تحركت بعد اللقاء الذي تم بيني وبين الامير فهد بن عبد العزيز ولي العهد الذي شارك بحيوية في مؤتمر القمة العربي ببغداد حيث رعى هذا اللقاء الخاص الرئيس صدام حسين الذي جرى فيه حديث حول الماضي والحاضر والمستقبل وأخذت العلاقات تتحرك بعد ذلك للتحضير لزيارة الرئيس عبد الفتاح اسماعيل عام 80م، وتأجلت بسبب استقالة عبد الفتاح اسماعيل وسفره الى موسكو، وفي يوليو عام 80م وجهت لي الدعوة لزيارة المملكة العربية السعودية، وحظيت باستقبال كبير ومثير للاهتمام، كان في مقدمة المستقبلين جلالة الملك خالد وولي عهده الامير فهد بن عبد العزيز وعدد من الامراء والمسؤولين السعوديين وحضر احد الاحتفالات كبير الاسرة الامير محمد الذي لا يشارك الا نادرا في اللقاءات والمقابلات والاحتفالات واعتبره البعض نوع من التقدير والتكريم الخاص من قبل الاشقاء في المملكة، واعتبرته تعبيراً صادقاً عن اصالة وعراقة هذا المجتمع العربي في المملكة العربية السعودية.

كان هدفي من هذه الزيارة تحقيق الأمن والاستقرار على طول الحدود وتعزيز العلاقات الثنائية على كافة الاصعدة واستمرار الاتصالات والتواصل الاخوي وتم ذلك من خلال الزيارات للمملكة العربية السعودية والمشاركة في المؤتمرات بالطائف وزيارتنا المشتركة مع الرئيس علي عبد الله صالح عام 82م،  اثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان حيث رحب الاشقاء في المملكة بالوفد اليمني المشترك الذي كان يهدف من الزيارة والجولة التي قمنا بها الى الدعوة لعقد قمة عربية ومساعدة القوة الفلسطينية واللبنانية لفك الحصار على بيروت ودحر العدوان والتي اسفرت عن عقد المؤتمر الأول والثاني في فاس وقدمت فيه ما سميت وعرفت بمبادرة فهد بن عبد العزيز بشأن السلام.

وفي ختام لقائنا هذا اجدها مناسبة في هذه المساحة لأسجل شكري وتقديري للاشقاء في المملكة قيادة وشعباً لاحتضانهم ورعايتهم وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لاخوانهم اليمنيين العاملين في المملكة العربية السعودية الشقيقة.