ولدت في 31 كانون الأول - ديسمبر - عام 1940 في قرية (الفرعة) منطقة الحسني- دثينة وما سميت بعد ذلك بجمهورية دثينة، لأنها لم تحتكم لسلطان أو أمير أو شيخ كغيرها من المحميات الشرقية والغربية في الجنوب، فيما يعرف اليوم بمحافظة أبين، وتقع شــرقي عـدن. ولقد تلقيت تعليمي الأولي الإبتدائي و المتوسط في مدارس أبين ثم التحقت بمعهد المعلمين في عدن وقـد كــان التدريس يستهويني منذ أن تعلمت حروف الأبجدية ومبادئ القراءة والكتابة، حدث ذلك بتأثير من مدرسيني ومعلميني، وعلى العموم فقد كانت صورة المدرس والمعلم تحظى بالتقدير والاحترام من أبناء المجتمع الذي نشأت فيه، وكما كان يردد استاذنا التربوي السوداني في دار المعلمين حسن أبو بكر "قف للمعلم وفه التبجيل ...كاد المعلم أن يكون رسولا"،وبالتالي فقد أحببــت أن أكــون مدرساً ليس بمعنى تلقين التلاميذ القراءة والكتابة والحساب، بل كصاحب رسالة ينشر العلم في بيئة أحوج ما تكون إلى سلاح العلم والمعرفة، ولهذا قد اخترت أن أكون مدرساً ومديراً لمدرسة مودية الإبتدائية، التي هي أول مدرسة تأسست في بداية الخمسينات في دثينة تحت اشراف استاذنا الكبير أحمد علي مسعد وصالح عمر اليافعي وغيرهم. وكان مشرف التعليم حينها في ولاية دثينة الأستاذ المناضل سعيد عثمان عشّال.
نهاية الخمسينات وبداية الستينات انتشر المد القومي التحرري العربـي بتأثير ثورة 23 يوليو بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر. وقد تأثرنا كحركة قوميين عرب بالثورة المصرية التي كانت تقف إلى جانب حركات التحرر العربية ضد الاستعمار وقواعده وضد الأحلاف الموالية للاستعمار. وسجنت عام 1963 مع عدد من الرفاق المدرسين والطلاب وفي مقدمتهم حسين الجابري بسبب نشاطنا السياسي كأعضاء في حركة القوميين العرب، حيث سيّرنا مظاهرات للطلاب والمدرسين والمواطنين في ولاية دثينة احتجاجاً على رفض الاستعمار البريطاني لدخول لجنة تقصي الحقائق لتصفية الاستعمار في عدن، وقد سُجنّا بقرار حكومي وخرجنا بإرادة الشعب بعد أن رفض الطلاب والمدرسين متابعة الدراسة. كما أنني التحقت بحركة القوميين العرب - فرع اليمن - وكان ذلك علــى يد المناضل حسين محمد الجابري. وكانت الخلية التي أنتمي إليها في موديــــة أحـــد أكـبر المحرضين على الكفاح المسلح في جنوب اليمن المحتل كوسيلة وحيدة لتحريره من الاحتلال البريطاني. بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، وقيام ثورة 14أكتوير 1963، أُتّخذَ قرار من قيادة الجبهة القومية بفتح جبهات القتال ضد الاستعمار البريطاني في كل المحميات الغربية والشرقية، فالتحقت حينها بدورة عسكرية في مدينة تعز على أيدي الضباط المصريين ومنها انضممت للجبهة الوسطى (دثينة - العوادل - الفضلي). وفي مارس عام 1965 شاركت مع وفد الجبهة القومية في مؤتمر القوى الوطنية في جامعة الدول العربية ومنها انتقلت مع تسعة من قادة جبهات القتال إلى معسكرات الحرس الوطني وسلاح المهندسين ومدرسة الصاعقة في انشاص. وبعد تخرجنا من الصاعقة عدنا إلى تعز وتوزعنا على جبهات القتال، وواصلنا النضال حتى تحقق لنا النصر وظفرنا بالاستقلال الوطني الناجز بدون قيد أو شرط في 30 نوفمبر 1967.
في ديسمبر 1967 أصدر الرئيس الأول للجمهورية قحطان الشعبي (رحمــه الله) قراراً بتعييني محافظاً للجزر اليمنية في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وكان هذا القرار مـن أوائل القرارات التي اتخذتها حكومة الاستقلال كتأكيد على سيادتها على تلك الجزر التي كـانت محط خلاف أثناء مباحثات الجلاء التي جرت في جنيف بين الوفد البريطاني المفاوض ووفــد الجبهة القومية برئاسة قحطان الشعبي.
قبل ان أشرع في العمل وانفذ ما كنت انوي القيام به كمحافظ للجزر فوجئت بصدور قرار جمهوري آخــر يتعيينــي محافظاً للمحافظة الثانية لحج. نهاية ديسمبر1967أثناء زيارتي لجزيرة كمران في البحر الأحمر. في لحج كانت تنتظرني مهمة مزدوجة إعادة ترتيب أمــور المحافظـة السياســية والإدارية من ناحية، ومواجهة أعمال العنف المسلح الذي لجأت إليه بعض القوى المشاركة في الكفاح المسلح لكنها بعد تسلم الجبهة القومية للسلطة رأت في ذلك هزيمة لها فامتشقت الســلاح لتغيير موازين القوى. وأظن أنني قد وفقت إلى حد كبير في القيام بالمهمتين معا. ويعود ذلـــك إلى انني عملت، في لحج لفترة كمدرس في الحوطة وارتبطت بعلاقات طيبة مع العديـــد مــن ابنائها، وبالتالي فقد وجدت لغة للتفاهم معهم في العديد من القضايا والأمور التي نشــأت، وأول شيء أنني لجأت إلى الحوار والحلول السلمية في مواجهة البندقية وقد نجحنا في ذلك.
أول منصب وزاري تقلدته كان في حكومة الشهيد فيصـــل عبــد اللطيــف حيث عُيّنتُ وزيراً للإدارة المحلية عام 1969.
لم يطل بقائي وزيرا للإدارة المحلية كثيرا. فقد عُينت وزيرأ للدفـاع فـي الحكومة التي شكلها السيد محمد علي هيثم خلفا لحكومة الشهيد فيصل عبد اللطيف في نهاية عام 1969، وقد تحملت مسؤولية وزارة الدفاع حتى نهاية 1977. أوليت جل اهتمامي لبناء القوات المسلحة البرية والجوية والبحرية بالتعاون مع الإتحاد السوفييتي الذي قدم كل أنواع الأسلحة الحديثة لقواتنا المسلحة وفي مقدمتها صواريخ سكود.
انتُخبتُ رئيسا لمجلس الوزراء خلفاً للسيد محمد علي هيثم في أغسطس 1971 وحتى عام 1985، مع احتفاظي بحقيبة وزارة الدفاع الى نهاية عام 1977.وبحكم منصبي الجديد أصبحت عضواً في مجلس الرئاسة. الذي يرأسه الرئيس سالم ربيع علي منذ 22 يونيو 1969 وحتى 1978.
بعد نهاية حكم الرئيس سالم ربيع علي بعد أحداث 1978، تحمّلتُ رئاسة الدولة والحكومة حتى نهاية 1978. وبعدها تم دمج الأمانة العامة والرئاسة برئاسة عبد الفتاح اسماعيل أسوةً بتجارب بعض البلدان الاشتراكية في مقدمتها الإتحاد السوفييتي. وعينتُ نائباً للرئيس حتى ابريل 1980. وحينها قدم عبد الفتاح اسماعيل استقالته لأسباب سياسية وصحية، وتحمّلت رئاسة الدولة من أبريل 1980 حتى عام 1985.
وقد وردت تفاصيل سيرتي الذاتية في مذكراتي (ذاكرة وطن) عن الثورة والدولة والوحدة والسياسة الخارجية.
شارك: