لقاء مع صحيفة 26 سبتمبر
الكاتب : المحاور : طاهر العبسي
الجمعة 11 يناير 2013
المشهد السياسي لا يعبر عن اقتراب موعد الحوار الوطني من الناحية العملية وهذا أمر مؤسف ونبهنا من قبل إلى ضرورة تلافي هذه المرحلة، فالاغتيالات المتنقلة والاختلالات الأمنية في البلاد وعدم تنفيذ النقاط العشرين المقدمة للرئيس عبد ربه منصور ومرور سنة على انتخابة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وعدم تنفيذ هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية بصورة ملبية لطموحات الشعب وتحديات المرحلة وعدم والنظر في مشكلة صعدة وازدياد الاضطرابات في مدن ومحافظات مثل عدن وتعز، إضافة إلى استمرار مشكلة الخدمات الأساسية كالكهرباء وغيرها كل هذه مؤشرات سلبية لا تسهل انعقاد الحوار بالصورة المطلوبة، وقد حاولنا ان نساهم في تقديم المقترحات العملية للقيادة السياسية والاتحاد الاوروبي واللجنة الفنية للحوار الوطني والمبعوث الأممي إلا انه لم تتخذ اية إجراءات فعلية وداعمة لعملية الحوار الشامل الذي لانزال نعول عليه في حل كافة مشاكل البلاد والعباد، ولكننا في القدر ذاته لا نريده مجتزأ ومنقوصاً وغير مستوعب لشروط نجاحه ففشل الحوار سيشكل أزمة قائمة بذاتها تضاف إلى الأزمات المتعاظمة على كل صعيد .
في الحقيقة لقد كان اللقاء امتدادا للقاءات سابقة وقد حرصنا عليه من منطلق الحس الوطني والحفاظ على مصالح شعبنا وتأكيدا لمكسب تاريخي عظيم تحقق في 13 يناير 2006م وهو التصالح والتسامح، وقد جاءت الزيارة قبيل ذكراه بأيام وكان لقاءا ودياً وناقشنا فيه كل الخيارات وأكدنا على أن تعرض كافة الأفكار التي طرحت على القيادات الجنوبية في الداخل والخارج، القرار في الاخير يعود للشعب في الجنوب فهو مرجعيتنا جميعاً.
سبق وأن أشرت إلى أننا ناقشنا كل الخيارات وتبقى المرجعية للشعب في الجنوب، وأكدنا على اهمية عقد لقاء جنوبي – جنوبي يؤسس لمرجعية سياسية رؤية جامعة تضمن للشعب أن يقرر
مصيره بالطريقة التي يراها ملائمة لحاضره ومستقبله بدون وصاية من طرف محلي أو خارجي .
تتركز المضامين حول أهمية انعقاد مؤتمر حوار جنوبي جنوبي على قاعدة التمسك بكافة الخيارات المطروحة لحل القضية الجنوبية، وتزامن هذا اللقاء مع ذكرى التصالح والتسامح يعزز من أهمية هذه المضامين بالارتكاز إلى هذا المكسب التاريخي الحضاري الذي استطاع شعبنا اجتراحه من عصارة آلامه وآماله وبالاستزادة من موروثه المدني العميق وأسس لمابعده من حراك سلمي سبق كل ثورات الربيع العربي بسنوات.
لقد تحدثت مع أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربي ، ولقد ابدى تفهماً ودعى الى لقاء تمهيدي تم في الرياض يتبعه لقاء موسع وحتى الآن لم يتحدد الزمان والمكان لعقده ، ونحن نقدر اهتمام مجلس التعاون بالقضية الجنوبية ومعالجة آثار حرب 1994م وغيرها من الصراعات لأن استقرار الجنوب هو استقرار للمنطقة كلها واعني بذلك الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي .
لقد أكدت في لقاء سابق ان الجنوب لن يكون جنوباً ولا الشمال شمالاً اذا استمرت الأزمة ولم تتخذ خطوات جدية بشأن حلها، لهذا فإن الدعوات لمشاريع جديدة تجد لها متسعاً اليوم، بينما تتحدث في نفس الوقت دول الخليج العربي عن الانتقال من التعاون الحالي الى الاتحاد، فبقدر ما قدمت الإمارات انموذجاً متقدماً وناجحاً عبر الاتحاد الفيدرالي الذي أسسه الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله قدم بالمقابل النظام في صنعاء مثالاً صارخاً عكسياً بشعار الوحدة أو الموت، وأوصل الناس إلى النظر إليها ككابوس بعد أن كانت حلماً جميلاً.
لقد أكدت على ان نجاح الحوار يتوقف على معالجة القضية الجنوبية وبقية القضايا الأخرى، وإذا لم تتخذ معالجات عاجلة وسريعة فإن ذلك لن يساعد على نجاح الحوار الوطني، كما أن هناك
أزمة ثقة بين الحراك والنظام لأن المواطن لم يلمس بوادر ايجابية من قبل حكومة الوفاق لا نريد لها أن تتطور بقدر ما نأمل أن تردم هذه الهوة .
المشكلة ليست في من يرأس مؤتمر الحوار الوطني، بل المشكلة هي في عدم جدية السلطة في حل المشاكل التي تسهل مهمة المشاركة في الحوار الوطني سواء كانت على مستوى قضية الجنوب أو صعدة أو تعز وبعد ذلك لكل حادث حديث.
الاغتيالات تشكل ناقوس خطر ودوماً ما تكون سابقة لأحداث مريرة كالحروب واليوم أضحت تهدد أمن الوطن والمواطنين والقادة العسكريين والأمنيين ويدل ذلك على فقدان الاستقرار الأمني والسياسي بالإضافة الى عامل الثقة الذي تحدثنا عنه فيما يخص القضية الجنوبية ولاشك أن لمثل هذه الحالة انعكاس مباشر على مستوى المشاركة في الحوار الوطني ويجب وضع حد لهذه الاغتيالات بمعالجات سياسية واجتماعية واقتصادية ناجعة وليس بالعنف والعنف المضاد .
الصراع على اليمن صراع قديم عبر التاريخ وتمثل في صراع اقليمي ودولي وما نشهده اليوم هو استمرار لهذا الصراع على اليمن لما له من اهمية ناتجة عن موقعه الاستراتيجي في الجزيرة العربية والمحيط الهندي وبحر العرب وباب المندب والبحر الأحمر والقرن الافريقي واليمن محل اطماع القوى الاقليمية والدولية وكنا نامل في ان تساعد هذه الدول على استقرار اليمن ودعمه سياسياً واقتصادياً لان استقرار اليمن هو استقرار للمنطقة فالقيادات السياسية التي تداولت السلطة في اليمن لم تول الاهتمام الكتفي بمعيشة الشعب وأمنه واستقراره مما اضطر البعض إلى التوجه الى بعض الدول الإقليمية ونحن لا نشجع على ذلك فاليمن دولة غنية بموقعها وآثارها وطبيعتها وتاريخها وشعبها .
ومع الأسف فإن القيادة لم تكن في مستوى المسؤولية التاريخية التي تصون كرامة الوطن والمواطن وسيادته، وتركت الحبل على الغارب وبعض الأحيان بتشجيع منها على اعتبار أن من يقوم بذلك (أحمر عين) وفق عرف الأزمة الأخلاقية.
ان البديل هو الفوضى والتشرد والحرب الاهلية وتحويل اليمن الى دويلات أو كيانات هزيلة بينما ما نراه الآن على المستوى الدولي والاقليمي هو التوجه الى الاتحاد والفضاءات الواسعة التي تستمد منها الدول منعة وعزة وقوة في ظل عالم متحول ومتغير.
نأمل عبر صحيفتكم الموقرة ان تكون قيادة الدولة وحكومة الوفاق الوطني اكثر جدية في تنفيذ النقاط العشرين ، وغيرها من القضايا وخاصة فيما يتعلق بالقضية الجنوبية وصعدة وبقية المحافظات ، وأكثر جدية في ضبط أمن الوطن والمواطن فالاغتيالات التي طالت بعض العسكريين والأمنيين والمواطنين من الجنوب لا تساعد المشاركة في الحوار أو التوجه إلى صنعاء أو عودة بعض من في الخارج .