لقاء مع الشرق الاوسط 2013

 

لقاء الرئيس علي ناصر محمد

مع صحيفة الشرق الأوسط – لندن

تدور محاور المقابلة حول الحوار الوطني والقضية الجنوبية ولقاءات مع البيض وبنعمر

اجرى اللقاء الدكتور محمد جميح 

27 كانون الثاني / يناير 2013

 

-أين أنتم من الدعوة إلى الحوار الوطني الشامل في اليمن الذي يفترض أن يبدأ خلال أسابيع؟ وهل تنوون المشاركة فيه؟

من حيث المبدأ، الجميع يعرف موقفي من الحوار في كل المراحل التي مرينا بها، فقد رحبنا بالحوار وعقدنا لقاءات عدة في الخارج قبل لقائنا بلجنة الاتصال للحوار الوطني وبمبعوث الأمم المتحدة السيد جمال بن عمر والاتحاد الاوروبي وأوضحنا موقفنا بكل شفافية والموقف يتصل بصورة مباشرة بحزمة من الإجراءات العملية التي تمهد لنجاح الحوار وتعطي إشارات إيجابية للمتحاورين على تنوعهم واختلافهم وتدفع قدماً في اتجاه انجاح هذه العملية للوصول إلى حلول لكل المشكلات المعقدة في الملف اليمني والتي لم يعد بالإمكان ترحيلها أو التسويف في شأنها ، على أن هذه الإجراءات بما في ذلك النقاط العشرين التي اتفق عليها في لجنة الحوار الفنية لم تنفذ وسيؤثر على مسيرة الحوار الوطني كما اشرت في مقابلات سابقة.

 

-هل لديكم تصور معين عن الكيفية التي يمكن بها حل المشكل اليمني، بما في ذلك القضية الجنوبية؟ وهل أنت متفائل أن اليمن يمكن أن تدخل مرحلة جديدة تنهي حقبة الصراع المسلح على السلطة؟

 في ظل تعدد الرؤى وتباين الاتجاهات وأزمة الثقة المستعصية التي تحيط بكافة الفرقاء وحتى أصحاب الاتجاه الواحد لا يمكن وضع تصور يبلغ إلى مستوى الحل الشافي للمشكل اليمني ومن هنا يكتسب الحوار أهميته ويتصدر مكانته فبقاء الوضع على ماهو عليه هو سماح لتراكم المآزق مما يدفع باتجاه العنف أو الصراع المسلح كما أشرت في سؤالك في مجتمع يمتلك اكثر من 65 مليون قطعة سلاح ولديه مشاكل مستعصية كالفقر والبطالة والأمية وأضيف إليها الجماعات الإرهابية ومؤخرا التناحر الطائفي حتى على مولد الرسول (ص) الذي يفترض أنه لا يختلف عليه أو على إحياء ذكرى مولده، ومع الأسف يحصل هذا في بلد لم يكن يشهد مثل هذه المظاهر من قبل.

ونؤكد بأن حل القضية الجنوبية هو مدخل لحل مشاكل اليمن في الحاضر والمستقبل اضافة الى حل بقية المشاكل الاخرى في صعدة وتعز. وهذا يتطلب أن تمتلك القيادة السياسية وحكومة الوفاق رؤية استراتيجية لمعالجة هذه المشاكل التي تعاني منها اليمن منذ فترة طويلة وقد تركت الصراعات في الشمال والجنوب وبين الشمال والجنوب جروحاً في جسم الوحدة الوطنية وخاصة بعد حرب عام 1994م وكذلك حروب صعدة الستة وما دار في زنجبار وجعار بمحافظة ابين في الحرب على القاعدة اضافة الى المشاكل الاقتصادية والفساد والفقر والأمية.

 

-التقيتم مؤخراً في القاهرة جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن. ماذا عرض عليكم؟ وماذا قلتم له؟ 

لقد ناقشنا مع السيد جمال بن عمر في لقائاتنا معه بالقاهرة بحضور بعض القيادات الجنوبية من الداخل والخارج الأوضاع الصعبة والمعقدة التي تمر بها اليمن وفي المقدمة القضية الجنوبية ، وقد ابدى السفير جمال بن عمر تفهما للقضايا التي عرضت عليه، ووجدنا انه مطلع على امور اليمن بعد ان زارها والتقى بعدد كبير من القيادات في عدن وصعدة وصنعاء ولمسنا حرصة الشديد على معالجة كافة الملفات السياسية كالقضية الجنوبية وقضية صعدة ومحاربة الارهاب والفساد والأمية، ونحن نتمنى ان يواصل جهوده الصادقة للوصول الى معالجات جادة وعملية للخروج باليمن من ازماته كلها وهذا يتوقف ايضاً على تكاتف كافة القوى الوطنية للخروج من هذه الأزمات بالتعاون مع المجتمع الاقليمي والدولي.

 

-ما حقيقة كون القيادات الجنوبية تتعرض للضغوط من أطراف دولية وإقليمية، بغية مشاركتها في الحوار الوطني؟

الحديث عن ضغوط دولية فيه نوع من القفز على الشارع الجنوبي الذي أثبت أنه متوحد خلف قضيته العادلة وهذا ما عبرت عنه فعالية التصالح والتسامح في 13 يناير الماضي وشهده العالم كله ، وأما القيادات فليس من شأنها أن تتعرض لضغوط دولية بل عليها أن تتماهى مع ضغط الشارع الجنوبي بحراكه التحرري السلمي وتعبر عنه في كل محفل وفي كل مناسبة وصولا إلى تقرير مصيره. أما من ناحيتي فانه لم يمارس علي أي ضغط ولا اسمح بان تمارس علي تلك الضغوط فانا امتلك قراري حيثما كنت واينما سكنت وفي الاخير الشعب هو صاحب هذا القرار والقيادات على تعددها تدرك ذلك جيدا في الداخل والخارج.

 

-التقيتم مؤخراً نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض الذي يتزعم فصيلاً في الحراك الجنوبي يطالب بما يسميه فك الارتباط بين الجنوب والشمال. كيف تنظرون إلى تباين المواقف داخل الصف الجنوبي؟ 

كان لقاءا إيجابيا ووديا اتسم بالصراحة والوضوح وهو امتدادا للقاءات سابقة في سبيل تقريب وجهات النظر وتعزيز مبدأ التصالح والتسامح في ذكراها السابعة والتأكيد على ضرورة الحوار الجنوبي الجنوبي ونحن لا ندين التباين بل نعتبره طبيعيا لأنه يعكس تعبيرات موجودة حراكياً وقد تختلف المسميات أو يختلف فهمها، ولأجل ذلك نؤكد من جانبنا على تقرير المصير لأنه يشمل كافة الخيارات المطروحة والمتباينة بما في ذلك فك الارتباط وكذلك الفيدرالية بإقليمين، ولكننا في الوقت ذاته ندعو إلى حوار جنوبي جنوبي لأن من شأنه أن يعزز موقع القضية العادلة التي يتم تجاذبها وباتت تحظى باهتمام محلي وإقليمي ودولي ولكنها تحتاج لتعزيز وحدة الصف الجنوبي وصولا إلى حل عادل وشامل ويرضي أبناء شعبنا.

 

-اتهم السفير الأمريكي في صنعاء نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض بأخذ أموال من إيران، وتوزيعها لفصل الجنوب. ما هو تقييمكم لحقيقة الدور الإيراني في اليمن، وفي الجنوب على وجه الخصوص؟

 سمعنا مثل هذه الاتهامات وقد عبر الأخ علي سالم البيض عن موقفه منها في بيان صادر عن مكتبه، ولا علم لي باخذه أموال من ايران او توزيعها لفصل الجنوب كما اشرتم في سؤالكم، فالحراك الجنوبي انطلق عام 2007م على خلفية حرب عام 1994م وتجاوز الحسابات الاقليمية والدولية. اما عن فصل الجنوب او فك ارتباطه فقد أعلن عن ذلك السيد علي سالم البيض في مايو عام 1994م.

 

هل هناك تواصل بينكم وبين تيارات من الحراك في الداخل؟ وهل يمثل القيادي في الحراك محمد علي أحمد جناح الداخل بالنسبة للتيار الذي يقوده الرئيس علي ناصر محمد من الخارج؟

لدي تواصل مع الجميع وهناك خلط واضح لدى من يقرأ المشهد اليمني والجنوبي خاصة وهذا مرده التعدد في المرجعيات والقيادات فإذا كان بعضهم لايزال يحسب الأخ الرئيس المشير عبد ربه منصور هادي علينا باعتباره كان معنا في فترة ما كان يسمى الزمرة التي تجاوزها مبدأ التصالح والتسامح فمن الطبيعي بأن يحسبوا الأخ محمد علي أحمد بنفس القياس والحقيقة أن هذه الحسابات قد انتهت وتغيرت الأوضاع كلياً وكل له موقعه ومكانته وقراره، وقد نتفق في الكثير كما قد  نختلف على بعض الأمور وهذا شيء طبيعي.

ما هي طبيعة العلاقة التي تربطكم بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي؟ وهل تدعمون برنامجه في تنفيذ المبادرة الخليجية؟

تربطني بالأخ الرئيس المشير عبد ربه منصور هادي علاقة قديمة وقد أشرت في جواب السؤال السابق إلى ذلك ولكن العلاقة هي أقدم بكثير منذ أن كان ضابطاً في القوات المسلحة في جمهورية اليمن الديمقراطية وتولى مناصب عسكرية عدة حينما كنت وزيرا للدفاع وكذلك بعد تحملي مسؤلية رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية في الجنوب ، وبقيت العلاقات طيبة حتى الآن.

 

-تقوم الاستراتيجية اليمنية الأمريكية في الحرب على القاعدة على أساس الحل الأمني. هل تعتقد أن الحل الأمني يمكن أن يؤدي إلى طي صفحة القاعدة في البلاد، خاصة بعد خروج مقاتليها من محافظة أبين وعزان بمحافظة شبوة ؟

لا أعتقد أن الحل الأمني سيؤتي ثماره في الحرب على الإرهاب الذي لم يتم تعريفه حتى الآن ، ولا النظر بجدية إلى تجفيف منابعه الحقيقية المتمثلة في الفقر والأمية والتطرف والبطالة المقنعة وغياب التوعية ، بل أثبت الحل الأمني المتبع أنه يؤدي إلى انعكاسات سلبية وآثار ارتدادية وتوسع النقمة الشعبية سواءا على النظام الذي سمح للطائرات الأجنبية بالضرب بلا رقيب أو حسيب أو النقمة على أمريكا وعلى الغرب ، ولا ننسى أن أبرياء سقطوا ويسقطون جراء هذه العمليات العسكرية ولنا في ماحدث في المعجلة بأبين ورفض بشبوة وفي مأرب والبيضاء وأماكن عدة عظة وعبرة فالقتلى كان معظمهم من النساء والاطفال والشيوخ الذين لا ناقة لهم بالإرهاب ولا جمل .

ولقد اكدت في لقاءات ومقابلات سابقة على أهمية دور القوات المسلحة وقوى الامن الوطنية في حماية الوطن وأمنه واستقراره وسيادته، ودعوت لتوفير كافة الامكانيات لها للاطلاع بدورها الوطني.

 

-هناك من يطرح أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح لا يزال يمسك بخيوط اللعبة السياسية في اليمن، رغم أن معظم أقاربه والمحسوبين عليه قد خرجوا من مناصبهم. ما هو تقييمكم للأمر؟

 الإمساك بخيوط اللعبة لم يعد بمقدور طرف بعينه في ظل الأوضاع الراهنة ، وإذا كان الأخ الرئيس السابق علي عبد الله صالح ممسكاً بمعظمها في أيام رئاسته فإنه قد فقد الكثير الآن ولكنه لايزال يحتفظ لنفسه ببعض الأوراق لاسيما أنه يترأس حزب المؤتمر الشعبي العام وهو شريك أساسي في السلطة ومناصف لحكومة الوفاق.

 

هل تنوون العودة إلى اليمن في الوقت القريب، وهل تفكرون في الترشح لانتخابات الرئاسية التعددية القادمة حال تم الاتفاق على حل للقضية الجنوبية في إطار فيدرالي؟

نية العودة منعقدة منذ غادرنا بلادنا قسراً ، فلا أحد يحلو له العيش إلا في وطنه ، وقد عدت مرتين إلى اليمن بعد مغادرتها في العام 90 ونأمل أن نعود قريباً ، وأما عن الترشح للرئاسة فقد رفضت ذلك مرتين والمهم في ظل ظروف اليمن اليوم والجنوب بصورة خاصة هو كيف نتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الجنوبية ونسلم القيادة للشباب ليقودوا المسيرة مثلما فجروا الحراك والثورة وحركوا عجلة التغيير .

 

قمتم اخيراً بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة ما هي طبيعة هذه الزيارة، وما هي نتائج جهودكم مع بعض الإخوة من القيادات الجنوبية التي التقيتهم فيها؟

علاقتي قديمة مع دولة الامارات وشعبها ورئيسها وحكيمها الشخ زايد رحمه الله  منذ عام 1974م، وتطورت علاقاتي الرسمية والشخصية مع هذا البلد وقائده وبقية المسؤولين في هذه الدولة حتى الأن، وبعد مغادرتي السلطة طلب مني الشيخ زايد الانتقال الى دولة الامارات والاقامة فيها، وعند زياراتي لهذا البلد الذي يحتضن الكثير من المواطنين والمسؤولين اليمنيين السابقين واللاحقين فانا التقي ببعضهم للتشاور بشأن الأوضاع في بلادنا، ونحن نقدر موقف القيادة في دولة الامارات وبقية دول الخليج في الوقوف الى جانب شعبنا في اليمن شمالاً وجنوباً وتقديم كافة انواع المساعدة سياسياً واقتصادياً للخروج من هذه الازمة لان استقرار اليمن هو استقرار لكل دول المنطقة في الجزيرة العربية والبحر الأحمر والقرن والافريقي.

 

في ختام هذه المقابلة وبمناسبة انعقاد جلسة مجلس الامن الدولي في صنعاء فإننا نقدر عالياً دور المجتمع الدولي لاهتمامه باليمن ومشاكله الراهنة ونأمل أن يساهم مجلس الأمن باتخاذ القرارات والتوصيات التي ستساعد اليمن في تخطي ازماته السياسية والاقتصادية وفي المقدمة القضية الجنوبية وقضية صعدة وبقية القضايا الاخرى.